يقول الله سبحانه وتعالى
في محكم كتابه:
﴿لَقَدْ
جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ
أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ
عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُم
بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ
رَّحِيمٌ﴾1.
لقد أطلق قائد الثورة
الإسلاميّة في إيران على
سنة 1385هـ. ش (2006م)
عنوان سنة النبيّ الأعظم
صلى الله عليه وآله وسلم،
ووُصفت هذه الفكرة بأنّها
إبداعيّة؛ نظراً إلى
أنّها قد تزامنت مع
التحوّلات والتغيّرات
الكبرى الّتي شهدها
العالَم بشكل عامّ
والعالَم الإسلاميّ بشكل
خاصّ. وأتت هذه الخطوة
على ضوء المعرفة العميقة
والدقيقة لمشكلات
واحتياجات العالَم
الإسلاميّ في هذا التوقيت
الحسّاس.
هذه الحركة الخلّاقة بعثت
روحاً جديدة في جسم
ووجدان العالَم الواعي،
وحفّزته على السير
والاقتداء والتأسّي
بالأبعاد الشامخة لشخصيّة
نبيّ الإسلام صلى الله
عليه وآله وسلم.
وقد أدرك الإمام
الخامنئيّ
دام ظله أنّ الشعب
الإيرانيّ كما شعوب
العالَم الّتي تنشد
العدالة والإخاء، يحتاج
اليوم وأكثر من أيّ وقت
مضى إلى أن يتعلّم من
دروس هذا النبيّ في
الأخلاق والرحمة
والكرامة. وفي التعلّم
كما في الوحدة والعزّة
والجهاد والمقاومة يقول
الإمام الخامنئيّ
دام ظله:
"نحن المسلمون واجبنا
أن نقتدي بهذا العظيم،
يقول الله سبحانه ﴿لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ
اللَّهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ ﴾2.
يجب أن نقتدي ونهتدي
ونتأسّى بالنبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم. فلا يكفي
أن نقتدي بصلاة ركعات
عدّة، وإنّما الواجب أن
نقتدي بسلوكنا وأقوالنا،
بعلاقتنا فيما بيننا،
وبتعاملنا مع الآخر، ولا
يتيسّر كلّ هذا إلّا من
خلال معرفة النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم"3.
إنّ ما سنستعرضه في هذا
الكتاب هو جزء يسير من
محطّات عاشها النبيّ
الأعظم صلى الله عليه
وآله وسلم في حياته، حيث
سنسلّط الضوء على بعض
أبعاد شخصيّته
الاجتماعية، والّتي أشار
إليها الإمام الخمينيّ
قدس سره في مناسبات
مختلفة سواء في كتبه
الّتي ألفها أم في أقواله
وخطبه المتعدّدة. ويضمّ
هذا الكتاب سبعة فصول
بحسب الترتيب:
1 ـ سبب بعثة النبيّ
الأعظم صلى الله عليه
وآله وسلم.
2 ـ العبوديّة والتسليم.
3 ـ مركزيّة القانون
والحاكميّة في السيرة
النبويّة.
4 ـ الرحمة والمحبّة
النبويّة.
5 ـ تواضع النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم.
6 ـ العيش البسيط.
7 ـ المساواة الإسلامية
كما جسّدها الرسول الأعظم
صلى الله عليه وآله وسلم.
ويمكن القول إنّ العنوان
الأخير هو الركيزة الأهمّ
في أصول الحكومة
الإسلاميّة والسياسية
النبويّة، وسوف نرى في
هذا القسم أن سلوك وتعامل
النبيّ الأعظم صلى الله
عليه وآله وسلم، مع
أصحابه وعامّة الناس كان
على أساس العدالة
والمساواة، وباعتباره
القائد الأوّل والكبير
للعالَم الإسلامي كان
يراعي أصول العدالة في
جميع شؤون حياته
المباركة، حتّى على مستوى
المجالسة والحديث مع
الآخرين والنظر إليهم.
ومن المتوقّع أن تتمّ
الاستفادة من هذا الكتاب،
لعلّه يُشكّل أرضيّة صلبة
وواضحة للمضيّ وفق السيرة
النبويّة لكلّ الراغبين
بالاهتداء والاقتداء
بالرسول الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم.
مركز نون للتأليف
والترجمة
|