يقول الإمام الخميني قدس
سره:
"لا تهجروا المساجد
فإن ذلك هو تكليفكم"1
.
إذا كان المسجد هو محور
حركة الإنسان المؤمن
الرسالي فهجره والتخلي
عنه يعني تفكك نواة
الإسلام
وتشتت المجتمع الإسلامي،
وهو من أخطر الأمراض
الداخلية التي يمكن أن
يبتلى بها المجتمع
الإسلامي،
حتى اعتبر الإمام الخميني
قدس سره أن بقاء الإسلام
يعتمد على حفظ دور هذه
المساجد!
يقول الإمام الخميني قدس
سره:
"إن حفظ المساجد من
الأمور التي يعتمد عليها
وجود الإسلام اليوم"2
.
وهذا ما أشارت إليه
الروايات أيضاً، فعن
الإمام الصادق عليه
السلام:
"شكت المساجد إلى
اللَّه تعالى الذين لا
يشهدونها من جيرانها،
فأوحى اللَّه عزَّ وجلَّ
إليها: وعزتي وجلالي
لا قبلت لهم صلاة واحدة،
ولا أظهرت لهم في الناس
عدالة، ولا نالتهم رحمتي
ولا جاوروني في جنتي".
فعدم قبول الصلاة وعدم
نيل الرحمة يشير إلى أن
أعمالهم تفقد قيمتها وهي
بالتالي تفقد آثارها
المرجوّة،
فتصبح أعمالهم ــ وإن
كثرت ــ لا ثمار لها على
المستوى الإستراتيجي وإن
فرض ظهور بعض الثمار
المرحلية لها، وهذا يعني
ضياع المجتمع الإسلامي
وتفككه بشكل تدريجي.
والنعمة إذا وجدت ولم
يعطها الإنسان حقها ولم
يستفد منها تحولت إلى
نقمة، فعن الإمام الصادق
عليه
السلام:
"ثلاثة يشكون إلى
اللَّه عزَّ وجلَّ: مسجد
خراب لا يصلي فيه أهله،
وعالم بين جهال، ومصحف
معلق قد
وقع عليه غبار لا يقرأ
فيه".
أجارنا اللَّه من شكوى
المساجد ونعوذ به أن تكون
المساجد خصيماً لنا يوم
القيامة!
عمران المساجد
فالمطلوب إذن عمران
المساجد بمعنى كثرة
التردد إليها وإعطاؤها
دور المحورية في الحركة
التي نقوم
بها حتى تكون هذه الأعمال
مقبولة وتحت عناية اللَّه
سبحانه وتعالى.
﴿
إِنَّمَا يَعْمُرُ
مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ
آمَنَ بِاللّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَأَقَامَ الصَّلاَةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ
يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ
فَعَسَى أُوْلَئِكَ
أَن يَكُونُواْ مِنَ
الْمُهْتَدِين﴾3
.
وعن الرسول الأكرم صلى
الله عليه وأله:
"في التوراة مكتوب: إنَّ
بيوتي في الأرض المساجد
فطوبى لعبد تطهر في بيته
ثم زارني في بيتي، ألا إن
على المزور كرامة الزائر،
ألا بشّر المشائين في
الظلمات إلى المساجد
بالنور الساطع يوم
القيامة".
ليس هذا فقط بل المطلوب
أيضاً إكثار الجلوس في
المساجد حتى تصبح أرواحنا
مجبولة على سكونه
ونفوسنا مستأنسة بزواياه،
وقد شجع الإسلام على ذلك،
فعن النبي الأكرم صلى
الله عليه وأله:
"يا أبا ذر! إن اللَّه
تعالى يعطيك ما دمت جالساً
في المسجد بكل نفس تنفست
درجة في الجنة، وتصلي
عليك
الملائكة، وتكتب لك بكل
نفس تنفست فيه عشر حسنات،
وتمحي عنك عشر سيئات".
فالمطلوب إذاً أن يكون كل
فرد منا من أبناء المسجد
مداوماً على التواجد فيه.
لكن بشرط أن تبقى المساجد
بيوتاً للَّه سبحانه
وتعالى ولا نحولها إلى
بيوت لنا، فعلينا أن
نحافظ على
احترامها وقدسيتها ونلاحظ
أننا في حضرة اللَّه
سبحانه وتعالى وفي بيته.
كرامة معمري المساجد عند
اللَّه تعالى
عن الإمام جعفر بن محمد،
عن آبائه عليهم السلام
قال:
"إن اللَّه إذا أراد
أن يصيب أهل الأرض بعذاب
قال: لولا الذين يتحابون
فيّ، ويعمرون مساجدي،
ويستغفرون بالأسحار،
لولاهم لأنزلت عذابي"4
هناك عدة معايير أشارت
إليها الروايات للجلوس في
المسجد، نذكر بعضها:
1 ـ عدم ارتكاب الحرام:
ففي الرواية عن النبي
الأكرم صلى الله عليه
وأله:
"الجلوس في المسجد
لانتظار الصلاة عبادة، ما
لم يحدث، قيل: يا رسول
اللَّه وما الحدث؟ قال:
الاغتياب".
فارتكاب المحرم وخصوصاً
الغيبة التي يمكن
ارتكابها في المسجد أكثر
من غيرها من المحرمات
سيسلب
فضل الجلوس في المسجد.
2 ـ عدم رفع الصوت:
عنه صلى الله عليه وأله:
"جنبوا مساجدكم... رفع
أصواتكم إلا بذكر اللَّه
تعالى".
3 ـ ترك اللغو:
فعن رسول اللَّه صلى الله
عليه وأله ــ وقد سأله
أبو ذر عن كيفية عمارة
المساجد ــ:
"لا تُرفع فيها
الأصوات ولا يخاض فيها
بالباطل، ولا يشترى فيها
ولا يباع، واترك اللغو ما
دمت فيها،
فإن لم تفعل فلا تلومن
يوم القيامة إلا نفسك"5
.
4 ـ إتيانها بهيئة
مناسبة:
﴿خُذُواْ
زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ
مَسْجِدٍ﴾6
وترك المنفرات.
ففي الرواية عن النبي
الأكرم صلى الله عليه
وأله:
"من أكل من هذه البقلة
المنتنة يعني الثوم فلا
يقرب مساجدنا، فأما من
أكله ولم يأت المسجد فلا
بأس".
5 ـ الاشتغال
بالمستحبات:
عنه صلى الله عليه وأله:
"كل جلوس في المسجد
لغو إلا ثلاثة: قراءة مصلٍّ،
أو ذكر اللَّه، أو سائل
عن علم".
6 ـ روحية الدخول إلى
المسجد:
في الرواية عن الإمام
الصادق عليه السلام:
"إذا بلغت باب المسجد
فاعلم أنك قصدت باب بيت
ملك عظيم لا يطأ بساطه
إلا المطهرون، ولا يؤذن
بمجالسة مجلسه إلا
الصديقون، وهب القدوم إلى
بساط خدمة الملك فإنك على
خطر عظيم إن غفلت هيبة
الملك، واعلم أنه قادر
على ما يشاء من العدل
والفضل معك وبك... واعترف
بعجزك وتقصيرك وفقرك
بين يديه، فإنك قد توجهت
للعبادة له والمؤانسة،
واعرض أسرارك عليه،
ولتعلم أنه لا تخفي عليه
أسرار
الخلائق أجمعين وعلانيتهم،
وكن كأفقر عباده بين يديه،
وأخل قلبك عن كل شاغل
يحجبك عن ربك، فإنه
لا يقبل إلا الأطهر
والأخلص. وانظر من أي
ديوان يخرج اسمك، فإن ذقت
من حلاوة مناجاته، ولذيذ
مخاطباته وشربت بكأس
رحمته وكراماته من حسن
إقباله عليه وإجابته، فقد
صلحت لخدمته، فأدخل
فلك
الأمن والأمان، وإلا
فقف وقوف مضطر قد
انقطع عن الحيل، وقصر
عنه الأمل، وقضى عليه
الأجل، فإذا
علم اللَّه عزَّ وجلَّ
من قلبك صدق الالتجاء
إليه، نظر إليك بعين
الرحمة والرأفة
والعطف ووفقك لما يحب
ويرضى فإنه كريم يحب
الكرامة لعباده
المضطرين إليه
المحترقين على بابه
لطلب مرضاته، قال
اللَّه عزَّ
وجلَّ: أَمَّن يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا
دَعَاهُ... ".
الوحدة الثقافية
المركزية ــ حزب
اللَّه
|