الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على
أشرف الخلق محمّد بن عبد الله وعلى آله الطيّبين
الطاهرين المنتجبين.
كان الإمام عليّ بن الحسين السجّاد عليه السلام
يقرأ في كلّ زوال من أيّام شهر شعبان المباركة
دعاءاً جاء فيه: "اللّهمّ
صلّ على محمّد وآل محمّد الفلك الجارية في اللُّجج
الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدّم
لهم مارق، والمتأخّر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق".
لقد زخرت أيّام الأئمّة المعصومين عليهم السلام
بالعديد من الأحداث والمناسبات السياسيّة
والاجتماعيّة والثقافيّة والتربويّة، وَضَعت
للبشريّة منهجاً وركنا وثيقاً تستند عليه. في
معالجةٍ قلّ نظيرها تُظهر لنا مدى المنحة الإلهيّة
الّتي أعطيت لهؤلاء العظماء عليهم السلام الّذين
منهم نستلهم وبهم نقتدي.
واستكمالاً للرحلة الّتي بدأتها جمعيّة المعارف
الإسلاميّة الثقافيّة عبر مركز نون للتأليف
والترجمة، في إعداد وتأليف سلسلة المعارف
الإسلاميّة، الّتي أنتجت ـ بعون الله تعالى ـ قسماً
كبيراً منها، مترقّيةً في كلّ إنتاج إلى مستوى
جديدٍ يراعي تطوّر المتعلّمين ورقيّهم العلميّ
والفكريّ إلى مراحل جديدة في دراستهم للمعارف
الإسلامية، والتزاماً بالعهد الّذي أخذته الجمعيّة
على عاتقها أمام الله والأمّة في إيصال الفكر
المحمّدي الأصيل إلى الناس والمجتمع، ها هي تستكمل
عمليّة تشييد البناء التدريسيّ للعلوم والمعارف
الإسلاميّة الأصيلة بإضافة هذا السفر الجديد،
الّذي جاء ملائماً للأهداف التعلّميّة والتعليميّة
مصاغاً على شكل دروس تراعي الهدف في الشكل
والمضمون.
فبعد أن تمّ إعداد وطباعة دروس من سيرة النبيّ
الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من كتب السيرة
والتاريخ، حان وقت السِفر الثاني، فكان هذا الكتاب
الّذي بين يدي القارئ العزيز يُبحر في سيرة أئمّة
أهل البيت عليهم السلام، ملتمساً في تفاصيلها
الملامح السياسيّة لسيرتهم العطرة، في محاولة لرسم
معالم حركتهم السياسيّة في حياة الأمة الإسلاميّة،
دون أن يغفل الكتاب عن أهمّ المحطّات الاجتماعيّة،
والظروف السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة
المكوّنة للبيئة الّتي عايشها المعصوم والأمّة
آنذاك، لما لهذا الأمر من أهميّة على صعيد فهم خطّ
الإمامة، على المستوى النظريّ من جهة، وعلى
المستوى العمليّ من جهة أخرى، وذلك للاستضاءة بهذا
الفهم في مواجهة الواقع الراهن خصوصاً والأحداث في
ما نستقبل من أيّام وتحوّلات.
نسأل الله سبحانه وتعالى بفضله أن يعيننا على
إكمال ما بدأناه، فعليه نتوكّل وإليه ننيب، إنّه
نِعم المولى ونِعم المجيب.
مركز نون للتأليف
والترجمة |