الدرس الثالث: عقبات في طريق دولة الإمام عليه السلام

أهداف الدرس:

1- أن يتعرّف الطالب إلى أبرز العقبات الّتي واجهها الإمام عليه السلام أيّام حكمه.
2- أن يتعرّف إلى شخصيّّة أمير المؤمنين عليه السلام كحاكم.
3- أن يستذكر ملامح وآثار الانحراف عن السنّة النبويّة.


41


فتنة الجمل والناكثين‏

كانت بيعة الناس لأمير المؤمنين عليه السلام بمنزلة صاعقة حلّت على بني أميّة وكلّ من يكنّ العداء للإسلام، وكان كلٌّ من طلحة والزبير يرى نفسه قريناً للإمام عليه السلام. وكان لعائشة المقام المرموق لدى الخلفاء السابقين حيث كانت تتحدّث كما تشاء. وكان معاوية يتصرّف في الشام تصرّف الحاكم المطلق الطامع في السيادة على الأمّة الإسلاميّة وتولّي أمورها بصورة تامّة. فكانت قرارات الإمام عليه السلام وتخطيطه للإصلاح الشامل ضربة قاصمة لكلّ هؤلاء، وتضرّرت مجموعات كانت تستغلّ مناصبها للحصول على الثروة الطائلة في عهد عثمان. ولهذا كان وجود الإمام عليه السلام في قمّة السلطة يُعدّ تهديداً صارخاً لمصالح الكثير من أولئك القوم.

من هنا اجتمع بعضٌ على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد. وفي الوقت الّذي كانوا يحرّضون فيه الناس على الخليفة الثالث، والمطالبة بقتله - وكانت الغاية من ذلك أن يفوز طلحة وأمثاله بالخلافة - كانت المفاجأة الكبرى بمبايعة الناس للإمام عليّ عليه السلام بالخلافة، فما كان منهم إلّا أن أعلنوا الحرب على وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخداع المسلمين ببعض الشعارات الزائفة


43


للوقوف إلى جانبهم في حربهم ضدّ الإمام عليه السلام.

وكان لمعاوية بن أبي سفيان الدور الأكبر في تأجيج نار الفتنة المشتعلة بسبب مقتل الخليفة الثالث من خلال مراسلة المتضرّرين من وصول الإمام عليّ عليه السلام إلى الحكم، وكان من أولئك الّذين راسلهم عبد الله بن الزبير مع البيعة له1 .

اجتمع في مكّة الخارجون على بيعة الإمام عليه السلام كالزبير وطلحة ومروان بن الحكم وتعاهدوا على أن يتّخذوا من دم عثمان شعاراً لتعبئة الناس ضدّ الإمام عليه السلام. وأشاعوا أن الإمام عليه السلام هو المسؤول عن إراقة دم عثمان، وخرجوا جميعاً إلى البصرة.

حاول الإمام عليّ عليه السلام أن يجنّب الأمّة المصائب وسفك الدماء، وراسل رؤوس الفتنة، فلم يلقَ تجاوباً، وبقي عليه السلام يأمل حتّى آخر لحظة قبل نشوب القتال في أن يرتدع الناكثون عن غيّهم، فلم يأذن بالقتال حتّى شرعوا هم بذلك، فالتحم الجيشان في قتال رهيب، ووصل أصحابه إلى الجمل فعقروه، وانتهت فصول المعركة بانتصار جيش الإمام عليه السلام على مخالفيه.

وبعد هذه المعركة تحرّك الإمام نحو الكوفة ليتّخذها مقرّاً له نظراً لكونها تشكّل ثكنة عسكريّة، حيث كان يقال لها كوفة الجند، ولتوسّع رقعة العالم الإسلاميّ ولقربها من الشام حيث يتحصّن معاوية، ولوقوف أهلها معه عليه السلام.

معاوية وحرب صفّين

شرع معاوية بمعاونة عمرو بن العاص، بعد استقرار الإمام عليه السلام في الكوفة يخطّط لمواجهة الإمام عليه السلام والوضع القائم، وقامت خطّته الخبيثة على التشبّث


44


بقميص عثمان كشعار لتحريك مشاعر وعقول الجماهير غير الواعية، وعبّأ أهل الشام للحرب. ورغم أنّ الإمام عليه السلام أكثر من مراسلة معاوية ومحاورته لإدخاله في بيعته، لكنّ ردّ معاوية كان هو الحرب والسعي للقضاء على الإمام عليه السلام بكلّ وسيلة.

جرت مناوشات متعدِّدة بين جيشي الإمام عليه السلام ومعاوية ولم تستعر الحرب، وحصلت هدنة بينهما، حتّى التحما في معركة رهيبة في صفّين2 قُتِل فيها عمّار بن ياسر، وأربعة وعشرون صحابيّاً بدريّاً واستمرّ القتال أيّاماً عديدة قُتل فيها عدد كبير من الجانبين...

أظهر أصحاب الإمام عليه السلام صبرهم وتفانيهم من أجل انتصار الحقّ، وبدت الهزيمة على أهل الشام، إلى أن أشار عمرو بن العاص على معاوية برفع المصاحف على الرماح. وكانت هذه الدعوى المضلّلة سبباً لاختلاف جيش الإمام عليه السلام، فهاج الناس وكثر اللغط بينهم. وحاول الإمام عليه السلام إفهام الناس أنّ هذا الأمر خديعة وهم لا يسمعون ولا يعون حقيقة الأمر. وانطلت الخديعة على قسم كبير من جيش الإمام عليه السلام وتمرّدوا عليه ولم يعد باستطاعته أن يفعل شيئاً. وقد وصف عليه السلام حاله معهم بقوله: "لقد كنت أمسِ أميراً فأصبحت اليوم مأموراً، وكنت بالأمس ناهياً فأصبحت اليوم منهيّاً"3 .

وانتهت المعركة بخدعة التحكيم عندما أصرّ أصحاب الإمام المخدوعين على ترشيح أبي موسى الأشعريّ، والإمام عليه السلام يصرّ على ترشيح عبد الله بن عبّاس أو مالك الأشتر.

وأفرزت معركة صفّين ظهور الخوارج الّذين كانت صفاتهم التحجّر والتمسّك


45


بالظواهر والتعصّب والخشونة وعدم التمييز بين الحقّ والباطل، وسرعة التأثّر بالشائعات. وصدَقَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصفهم عندما قال عنهم: "يخرج فيكم قوم تحقِّرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدِّين مروق السهم من الرمية"4 .

المواجهة مع الخوارج‏

تجمّعت قوّات المارقين عن الدِّين قرب النهروان. وحاول الإمام عليه السلام مراراً ردعهم عن فكرتهم وسعيهم للحرب، فلم يجد فيهم إلّا الفساد والجهل والإصرار، فعبّأ جيشه ونصحهم كما هو شأنّه في كلّ معركة، وبعث إليهم رُسُله، وبيّن أنّه كره التحكيم وعارضه، وشرح سبب معارضته بوضوح... ولم يرعوِ المارقون لقوله عليه السلام وطالبوه بتكفير ما اعتبروه ذنباً وإعلان توبته. وهجم الخوارج وهم يتصايحون: "إن الحكم إلّا لله... الرواح الرواح إلى الجنّة". ولم تمضِ إلّا ساعة حتّى أُبيدوا عن أجمعهم، ولم ينجُ منهم إلّا أقلّ من عشرة، ولم يُقتل من أصحاب الإمام عليه السلام إلّا أقلّ من عشرة أشخاص5 . وكان الإمام عليه السلام قد أخبر أصحابه مسبقاً بهذه النتيجة.

فتح مصر


بعد مقتل عثمان ولّى الإمام عليه السلام قيس بن سعد بن عبادة ولاية مصر. ثمّ كلّف محمّد بن أبي بكر ليقوم مقام سعد. وبقيت مصر الجناح الآخر الّذي يُقلق معاوية فتحرّك مع عمرو بن العاص للسيطرة عليه ا، فزحف نحوها واحتلّها


46


واستشهد محمّد بن أبي بكر، فكلّف الإمام عليه السلام مالك الأشتر بالذهاب إلى ولاية مصر وكتب إليه العهد المشهور وهو يتضمّن نظاماً إدارياً وسياسيّاً جامعاً.

لكنّ معاوية بمكره ودهائه تمكّن من دسّ السّم إلى مالك والقضاء عليه قبل أن يباشر الإدارة في مصر6 .

خصائص حاكميّة الإمام عليّّ عليه السلام

ليس عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالشخصيّة التاريخية فحسب إنّما هو أمير المؤمنين، أي إنّه بالنسبة لنا الأسوة والقدوة والنموذج، نموذج للحاكم الّذي ينبغي للحكّام والقادة الاقتداء بسلوكه ومنهجه.

وإذا أردنا أن نقف على المحطّات البارزة واللامعة في حياة مولى المتّقين ونتعرّف إلى شخصيّته وحاكميّته وحكومته فما علينا إلّا أن ندرس نقطتين أساسيّتين وحساستين، لأنّ الإمام عليه السلام بعنوان أنّه الحاكم والخليفة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدخل في صلب هاتين النقطتين. وهذا مع عدم إغفال النواحي الأخرى في شخصيّّته المعنويّة والعرفانيّة، تلك الشخصيّة الّتي كانت مرتبطة بالفيض واللطف الدائم لله سبحانه وتعالى.

نعم، حديثنا هو عن الإمام عليّ عليه السلام كحاكم إسلاميّ حكم الأمّة الإسلاميّة لفترة، من الزمن.

الأولى: إنّ البارز في حياة أمير المؤمنين عليه السلام كحاكم هو التزامه وتعبّده الكامل بما جاء به الإسلام وما ورد في شريعته، فهو الّذي تربّى في كنف الإسلام وتحمّل الأذى والمصاعب في سبيله، وحضر في كلّ المواجهات والتحدّيات،


47


وشارك في كلّ الحروب والغزوات الّتي جرت في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باستثناء حرب واحدة لم يشارك فيها بناءً على طلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي ذلك الوقت الّذي غُصبت منه الخلافة، وكان يستطيع إن أراد أن يواجه المغتصبين لحقّه وأن يقوم بدعوة الناس وتحريضهم، لم يقم عليه السلام بذلك وضحّى لمصلحة الإسلام، وكذلك فعل أيضاً بعد وفاة الخليفة الثاني، ورفض تسلّم منصب الخلافة وفقاً للشروط الّتي أرادوا فرضها عليه والمخالفة لكتاب الله وسنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وأدّى هذا الرفض إلى أن يتأخّر بتسلّم منصب الخلافة 12 عاماً أخرى. وطوال فترة حياته الّتي سبقت تسلّمه الخلافة كان دائماً يجاهد ويتحرّك في سبيل خدمة الإسلام والشريعة. لذا فمن الطبيعيّ أن يعمل على تطبيق الأحكام الإسلاميّة حين تسلّمه للخلافة وعلى تحكيم الثوابت الإسلاميّة.

الثانية: إنّ الإمام عليّّاً عليه السلام كشخصيّة حاكمة لم يكن مستعدّاً على الإطلاق أن يهادن ويصالح الأشخاص الّذين لم يكونوا يتحرّكون في ضمن خطّه ومسيرته، فهو تلميذ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الّذي كانت حياته كلّها شاهدة على رفض المهادنة والأهواء الّتي تعارض الحقّ والعدل. ولو كان أمير المؤمنين عليه السلام مستعدّاً أن يهادن لكان استطاع أن يحدّ من نفوذ القادة والشخصيّّات المعادية له، ولو كان أيضاً مستعدّاً للتخفيف من مواجهته لأعداء الإسلام والحكومة الإسلاميّة فمن المؤكّد لم تكن لتواجهه كلّ هذه المشاكل والمصاعب.

وهنا كان امتياز عليّ عليه السلام الحاكم عن غيره من الحكّام، فأولئك كانوا مستعدّين أن يتحالفوا مع أيّ طرف ضدّ عدوّهم، فنرى معاوية وعمرو بن العاص المتنافسين والمتخالفين فيما بينهما، يقفان جنباً إلى جنب لمواجهة الإمام عليّ عليه السلام، وكذلك إذا نظرنا إلى طلحة والزبير من جهة وإلى معاوية من جهةٍ أخرى، فلقد كانوا متعادين لكنّهم كانوا مستعدّين أن يتحدّوا ويقفوا جنباً إلى


48


جنب لمحاربته عليه السلام بينما رفض الإمام عليه السلام أن يتحالف مع طلحة والزبير ضدّ معاوية.

انهيار الأمّة وتفكّكها

بدأت بوضوح ملموس ملامح وآثار الانحراف الّذي حصل يوم السقيفة في نهاية أيّام حكم الإمام عليه السلام، حيث بدأ معاوية ومن اقتفى أثره في محاربة الإسلام من داخل الإسلام بتفكيك ما بقي من أواصر تماسك المجتمع الإسلاميّ، وتخريبه وبناء مجتمع ينسجم وفق رغباتهم وأهوائهم. ويمكننا أن نلحظ حال الأمّة بعد خوض الإمام عليه السلام ثلاث معارك هامّة لاجتثاث الفساد، فيما يلي:

1- مُني الإمام عليه السلام والأمّة بفقد خيار الصحابة الواعين الّذين كان يمكن من خلالهم بناء الأمّة الصالحة وفق نهج القرآن والسنّة بإشراف الإمام عليه السلام. وقد بلغ الحزن في نفس الإمام مبلغاً عظيماً نجده في نعيه لهم بقوله:

"ما ضرّ إخواننا الّذين سفكت دماؤهم بصفّين أن لا يكونوا اليوم أحياءً يسيغون الغصص ويشربون الرنق، قد والله لقوا الله فوفّاهم أجورهم وأحلّهم دار الأمن بعد خوفهم... أين إخواني الّذين ركبوا الطريق ومضوا على الحقّ؟ أين عمّار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الّذين تعاقدوا على المنيّة..."
7 .

2- تمرّد الجيش وتفكّكه وظهور الضعف والسأم من الحرب؛ لكثرة من قُتل من أهل العراق الّذين يشكّلون العمود الفقريّ لفِرق جيش الإمام عليه السلام. ولم يتمكّن بما يملك من قدرة خطابيّة رائعة وحجّة بالغة أن يبعث الاندفاع والحزم في قاعدته الشعبية لمواصلة الحرب. وممّا زاد من تفتيت الجيش عدم توقّف معاوية عن مخاطبة زعماء القبائل والعناصر الّتي يبدو منها


49


حبّ الدنيا، فمنّاهم بالأموال والهبات والمناصب إذا قاموا بكلّ ما يؤدّي إلى إضعاف قوّة الإمام وجماهيره المؤيّدة.

3- لقد أتاح الظرف الّذي مرّ به الإمام عليه السلام والأمّة الإسلاميّة لمعاوية أن يقوم بشنّ غارات على أطراف البلاد الإسلاميّة، فمارس القتل والسبي والإرهاب، فبدأ بالهجوم على أطراف العراق فأرسل النعمان بن بشير الأنصاريّ للإغارة على منطقة "عين التمر"، ووجّه سفيان بن عوف للإغارة على منطقة "هيت"، ثمّ على "الأنبار والمدائن"، وإلى "واقصة" وجّه معاوية الضحّاك بن قيس الفهريّ... وفي كلّ مرّة كان يحاول الإمام عليه السلام دعوة الجماهير لمقاومة غارات معاوية فلم يلقَ الاستجابة السريعة. وأدرك معاوية ضعف قوّة حكومة الإمام عليه السلام وتزايد قوّته8 .

وبعث معاوية بسر بن أرطأة للإغارة على الحجاز واليمن، فعاث في الأرض فساداً وقتلاً للأبرياء. وبلغ الأسى والأسف في نفس الإمام عليه السلام مبلغاً عظيماً ممّا يفعل المجرمون ومن تخاذل الناس عنه، فكان يصرّح بضجره من تخاذلهم وتقاعسهم، وقال مرّة:
"اللّهم إنّي قد مللتهم وملّوني وسئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيراً منهم وأبدلهم بي شرّاً منّي"9 .

وقد أنذر الإمام عليه السلام الأمّة الإسلاميّة بمستقبل مظلم وآلام كثيرة تحلّ بها، نتيجة لما آلت إليه من تقاعس وتخاذل عن نصرة الحقّ، فقال: "أما إنّكم ستلقون بعدي ذلّاً شاملاً وسيفاً قاطعاً وأثرةً يتّخذها الظالمون فيكم سنّة، فيفرّق جماعتكم، ويُبكي عيونكم ويُدخل الفقر بيوتكم وتتمنّون عن قليل


50


أنّكم رأيتموني فنصرتموني، فستعلمون حقّ ما أقول لكم"10 .

لكنّ معاوية تمكّن من نشر الفساد والرعب في أطراف الدولة الإسلاميّة، وحاول الإمام عليه السلام في آخر لحظات حياته أن يقوم بحملة واسعة يستنهض فيها الأمّة الإسلاميّة، فخاطب الجماهير وهدّدهم بشكل حازم، فاستجاب له الناس وخرج وجهاء الأمّة الإسلاميّة للاستعداد لملاقاة معاوية والقضاء على الفساد، وخرج الناس إلى معسكراتهم في منطقة "النخيلة" خارج الكوفة، وتحرّكت بعض قطعات الجيش تسبق البقيّة مع الإمام عليه السلام الّذي بقي ينتظر انقضاء شهر رمضان، لكنّ يد الغدر والخيانة سبقتهم إلى إطفاء نور الهدى ليبقى الظلام يلفّ انحرافهم وفسادهم، وامتدّت يد الشيطان لتصافح ابن ملجم في عتمة الليل، وفي ختلة وغدرة هوت بالسيف على هامة طالما استدبرت الدنيا واستقبلت بيت الله وهي ساجدة، وغادرتها منها في تلك الحال، واستُشهد أمير المؤمنين عليه السلام.


51


خلاصة الدرس


حاول الإمام عليه السلام القضاء على فتنة أهل الجمل بالحكمة والنصيحة، ولكنّ نصائحه لم تؤثّر فيهم.

عامل الإمام عليه السلام أصحاب الفتنة بعد خسارتهم المعركة معاملة حسنة وجهّز عائشة وسرّحها بما يحفظ كرامتها.

استطاعت قوات الإمام عليه السلام في صفّين أن تعصف بقوّات معاوية حتّى بان الوهن فيهم، وهنا أشار عمرو بن العاص بحيلة رفع المصاحف لخديعة البسطاء من جيش الإمام عليه السلام.

لعبت سياسة المكر والخداع الّتي مارس عمرو بن العاص أدوارها الشائنة في تحريض معاوية على الوقوف بوجه الإمام عليه السلام، فتمخّضت عن ذلك صرف الأمّة عن مسار الرسالة الإسلاميّة الّذي كان يمثّله الإمام عليه السلام.

تميّزت حاكمية الإمام عليّّ عليه السلام بالالتزام والتعبّد الكامل بالإسلام وما ورد في شريعته الغرّاء، وعدم المهادنة لأهل الباطل.

بدأت تظهر ملامح وآثار انهيار الأمّة وتفكّكها من خلال فقد الأمّة لخِيار الصحابة، وتمرّد الجيش العلويّ وتفكّكه وظهور الضعف، وشنّ معاوية الغارات على أطراف البلاد الإسلاميّة.

هوامش

1- م.ن: 1/231.
2- هي موضع بقرب الرقّة على شاطئ الفرات من الجانب الغربيّ.. وكانت مدّة المقام بصفّين 110 أيّام، وكانت الوقائع 90 واقعة، معجم البلدان، الحمويّ: 3/414.
3- الكامل في التاريخ، م.س: 3/317.
4- صحيح البخاري أبو عبد الله محمّد بن اسماعيل بن إبراهيم البخاري الجعفي:6/115، دار الفكر، ط 1، 1401 هـ ـ 1981م، مصوّر عن طبعة دار الطباعة العامرة باستانبول.
5- تاريخ الطبري، م.س: 5/699.
6- م.ن: 6/5.
7- شرح نهج البلاغة، م.س: 10/99.
8- تاريخ الطبري، م.س: 4/102 و103.
9- نهج البلاغة، م.س: 1/66.
10- م.ن، الخطبة: 25.