المبعث الشريف> الحركة الرسالية عند البعثة

المواجهة الأولى وإنذار الأقربين

حين شاع خبر الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية وفي الوقت الذي بلغت فيه الفئة المؤمنة المستوى الروحي الذي يؤهلها لخوض الصراع كان لابد من الانتقال إلى مرحلة الإعلان العام وأول خطواته إنذار الأقربين في مجتمع تسوده الاعتبارات القبلية فمن الأولى إنذارهم قبل إنذار الناس كافة، فكان نزول الأمر الإلهي: وأنذر عشيرتك الأقربين ; من هنا دعا النبي صلَّى الله عليه وآله عشيرته الأقربين وأوضح لهم أمر الرسالة وهدفها ومستقبلها وكان فيهم من يرتجى خيره ويؤمل إيمانه. ولئن نهض أبو لهب معلناً المعاداة والكراهية فقد تبنّى أبو طالب عليه السلام دعم النبي صلَّى الله عليه وآله وحماية رسالته.

وقد روي أنّه ما إن نزلت الآية المباركة أمر النبي صلَّى الله عليه وآله علياً بإعداد وليمة ثمّ دعا عشيرته وكانوا أربعين رجلاً، وما إن تأهب الرسول صلَّى الله عليه وآله للحديث حتى قاطعه عمه عبد العُزّى ـ المعروف بأبي لهب ـ وحذّره من الاستمرار في التبليغ والإنذار، وحال دون تحقيق هدف الرسول فانفضّ المجلس. ولمّا كان من غد جدّد النبيّ صلَّى الله عليه وآله أمره لعلي ودعوته لعشيرته وبعد أن فرغوا من الطعام بادرهم صلَّى الله عليه وآله بقوله: (يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله عَزَّ وجَلَّ أن أدعوكم إليه فأيّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فسكتوا جميعاً إلاّ علي بن أبي طالب إذ نهض قائلاً: أنا يا رسول الله أكون 1.


1-اعلام الهداية ج 1 ص90.