صفات الأنبياء وكتبهم
عقيدتنا في عصمة الأنبياء
نعتقد: أنّ الأنبياء معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة عليهم جميعاً التحيات الزاكيات، وخالَفَنا في ذلك بعض المسلمين، فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء، فضلاً عن الأئمة.
والعصمة: هي التنزُّه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطأ والنسيان، وإن لم يمتنع عقلاً على النبي أن يصدر منه ذلك، بل يجب أن يكون منزَّهاً حتى عمّا ينافي المروءة، كالتبذّل بين الناس: من أكل في الطريق، أو ضحك عال، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام.
والدليل على وجوب العصمة: أنّه لو جاز أن يفعل النبي المعصية، أو يخطأ وينسى، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإمّا أن يجب إتّباعه في فعله الصادر منه عصياناً أو خطأً، أو لا يجب:
فان وجب اتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى، بل أوجبنا ذلك، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل.
وإن لم يجب إتباعه فذلك ينافي النبوّة التي لابدّ أن تقترن بوجوب الطاعة أبداً.
على أن كل شيء يقع منه من فعل أو قول فنحن نحتمل فيه المعصية أو الخطأ، فلا يجب إتّباعه في شيء من الاشياء، فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبي كسائر الناس، ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيمة العالية التي يعتمد عليها دائماً، كما لا تبقى طاعة حتمية لأوامره، ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله.
وهذا الدليل على العصمة يجري عيناً في الإمام، لانّ المفروض فيه أنّه منصوب من الله تعالى لهداية البشر خليفة للنبي.
عقيدتنا في صفات النبي
ونعتقد: أنّ النبي ـ كما يجب أن يكون معصوماً ـ يجب أن يكون متّصفاً بأكمل الصفات الخلقية والعقلية وأفضلها، من نحو: الشجاعة، والسياسة، والتدبير، والصبر، والفطنة، والذكاء ; حتّى لا يدانيه بشر سواه فيها، لأنه لولا ذلك لما صحّ أن تكون له الرئاسة العامة على جميع الخلق، ولا قوَّة إدارة العالم كله.
كما يجب أن يكون: طاهر المولد، أميناً، صادقاً، منزَّهاً عن الرذائل قبل بعثته أيضاً ; لكي تطمئنّ إليه القلوب وتركن إليه النفوس، بل لكي يستحق هذا المقام الإلهي العظيم.
عقيدتنا في الأنبياء وكتبهم
نؤمن على الإجمال بانّ جميع الأنبياء والمرسلين على حق، كما نؤمن بعصمتهم وطهارتهم، وأمّا إنكار نبوّتهم أو سبّهم أو الاستهزاء بهم فهو من الكفر والزندقة، لانّ ذلك يستلزم إنكار نبينا الذي أخبر عنهم وصدّقهم.
أمّا المعروفة أسماؤهم وشرائعهم، كآدم ونوح وإبراهيم وداود وسليمان وموسى وعيسى وسائر من ذكرهم القرآن الكريم بأعيانهم، فيجب الإيمان بهم على الخصوص، ومن أنكر واحداً منهم فقد أنكر الجميع، وأنكر نبوّة نبيّنا بالخصوص.
وكذلك يجب الإيمان بكتبهم وما نزل عليهم.
وأمّا التوراة والإنجيل الموجودان الآن بين أيدي الناس، فقد ثبت أنّهما محرّفان عمّا أنزلا، بسبب ما حدث فيهما من التغيير والتبديل والزيادات والإضافات بعد زماني موسى وعيسى عليهما السلام بتلاعب ذوي الأهواء والأطماع، بل الموجود منهما أكثره ـ أو كلّه ـ موضوع بعد زمانهما من الإتباع والأشياع.
*عقائد االإمامية، الشيخ محمد رضا المظفر، ص: 55-57.
|